
لبنان: اشتباكات مسلحة عنيفة داخل مخيم برج البراجنة
الرأي الثالث - وكالات
شهد مخيم برج البراجنة في بيروت، مساء أمس الأربعاء، اشتباكات وُصِفت بالأعنف في تاريخ المخيّم بالنظر إلى نوعية الأسلحة التي استُخدمت،
واعتُبرت أيضاً بمثابة انتكاسة لخطة تسليم السلاح داخل المخيمات الفلسطينية في لبنان، انطلاقاً من مقرّرات القمة اللبنانية الفلسطينية التي اتُخذت في 21 مايو/ أيار الماضي.
واندلعت ليلاً اشتباكات عنيفة بين عائلتين في مخيم برج البراجنة استُخدمت فيها قذائف صاروخية وأسلحة ثقيلة،
وأسفرت عن سقوط إصابة من داخل المخيم، وأخرى خارجه على طريق المطار، إلى جانب أضرار مادية كبرى، ونزوح عددٍ كبيرٍ من العائلات، قبل أن تنجح الوساطات في تهدئة الوضع في ساعات متأخرة،
على أن تعقد الفصائل الفلسطينية، اليوم الخميس، اجتماعاً لبحث ما حصل، ومحاولة حلّ الخلاف بشكل نهائي. وخلال الاشتباكات، سُجِّل تحليق لمروحية الجيش اللبناني في سماء مخيم برج البراجنة، وانتشار مكثف للعناصر حوله،
وأجرت قيادة الجيش اتصالات مع القوى الفلسطينية، ولا سيما مع قائد الأمن الوطني فتحي أبو عرب، من أجل التدخل لتهدئة الوضع بشكل سريع.
وقالت مصادر عسكرية لبنانية ، إنّ "قائد الجيش اللبناني استنفر العناصر أمس الأربعاء، وطلب منهم الانتشار في محيط المخيم، والبقاء على جهوزية وتأهّب،
وكان ضمن الخطط التدخل مباشرة من داخل المخيم، ولكن فضّل التريث تفادياً لأي سيناريو أمني لا يمكن التكهّن كيف يمكن أن يتطوّر"،
لافتة إلى أن "اتصالات حصلت مع القيادات الفلسطينية من أجل دفعها للتهدئة وإنهاء الاشتباك، خصوصاً أن النيران والرصاص والشظايا طاولت طريق المطار، وهدّدت الناس هناك".
ولفتت المصادر إلى أن "ما حصل طبعاً مؤسف، والمؤسسة العسكرية ستكثف اتصالاتها مع القيادات الفلسطينية لعدم تكرار ما حصل، وهذا لن يؤثر على مسار تسلّم السلاح من المخيمات الفلسطينية،
بل على العكس سيزيدنا عزماً على المضي قدماً بتطبيق الخطة، لتشمل باقي الفصائل الفلسطينية، وليس فقط حركة فتح".
من جهته، قال قائد الأمن الوطني في منطقة بيروت عمر غضبان ، إن "سبب الاشتباك هو خلاف بين عائلتين، كان وقع قبل شهر، وتجدّد أمس، وقد عملنا على احتوائه حينها، وبقيت الأمور جيدة طيلة هذه الفترة،
لكن للأسف اشتعلت المعركة من جديد وما كان يجب أن تحصل، لكن القلوب مشحونة".
وأشار غضبان إلى "أننا نعمل على تقريب وجهات النظر في ظل حساسية الوضع في المخيم، خاصة وأنه يسكنه حوالي 50 ألف نسمة، ونحرص بصفتنا قوات أمن وطني على عدم وقوع أي إشكال يؤدي إلى خسائر بشرية أو مادية،
لكن للأسف تجدّد الخلاف نتيجة منشور على مواقع التواصل الاجتماعي تطور إلى تلاسن فاشتباك، وأصيب شخص من داخل المخيم وآخر على طريق المطار، وحصلت ليلاً مساعٍ أفضت إلى وقف إطلاق النار،
إلى جانب دور لعبته أيضاً مخابرات الجيش اللبناني التي تحرّكت لكبح الاشتباك، وهناك اليوم اجتماع للفصائل للخروج بقرارات تلزم الطرفين بعدم العودة لهذه الاشتباكات، مع حرص أن تعالج الأمور عند الدولة اللبنانية".
ولفت غضبان إلى أن "الاشتباك أمس كان من أعنف الاشتباكات في تاريخ المخيم بالنظر إلى نوع الأسلحة التي استخدمت، والتي ما كان يجب أن تستخدم، وحالياً الوضع هادئ، وقد عادت العائلات التي نزحت،
علماً أن الترقب والقلق يبقيان طبعاً بالنسبة إلى العائلات التي تعيش في النقطة التي حصلت فيها الاشتباكات أو القريبة منها".
ولا ينكر غضبان أن ما حصل يشكل انتكاسة لعملية تسليم السلاح الفلسطيني من داخل المخيمات، فأي إطلاق نار أو اشتباك يؤدي إلى ذلك،
لكن أردف "نحن بصفتنا قوة أمن وطني قمنا بمبادرة من القيادة السياسية بتسليم السلاح، لكن في المخيم فصائل عدة لا تنتمي إلى لواء منظمة التحرير، وهناك حساسية أيضاً في المخيم، وهذا طبعاً يحتاج إلى حلّ،
والحلّ يكون عن طريق الدولة اللبنانية المسؤولة عن أمن وسلامة جميع من هم على الأراضي اللبنانية، وموقفنا نحن واضح تحت سقف القانون في لبنان".
وشملت عملية تسلّم السلاح من حركة فتح في الأسبوعين الماضيين، مخيمات بيروت وصور جنوبي لبنان، وذلك تنفيذاً لقرار السلطة السياسية، وبالتنسيق مع الجهات الفلسطينية،
وقد تعرّضت انطلاقتها من مخيم برج البراجنة لانتقادات عدة، بالنظر إلى حجم الأسلحة الصغير الذي سُلّم، قبل أن يتسلم الجيش لاحقاً كميات إضافية من المخيم نفسه، وكميات وُصفت بالأكبر منذ الحرب الأهلية اللبنانية (1975 – 1990) من مخيمات الرشيدية والبص والبرج الشمالي، في صور جنوبي لبنان.
وتأتي عملية تسلّم السلاح تنفيذاً لما تقرّر في القمة اللبنانية - الفلسطينية بتاريخ 21 مايو 2025، وما أعقبها من اجتماع مشترك للجنة الحوار اللبناني - الفلسطيني برئاسة رئيس مجلس الوزراء نواف سلام، والذي وضع خريطة طريق واضحة لإنهاء ملف السلاح الفلسطيني بشكل كامل ونهائي، وللحفاظ على كرامة الفلسطينيين المقيمين في لبنان، وحقوقهم الإنسانية، كما ورد في خطاب القسم والبيان الوزاري.
في المقابل، ترفض بعض الفصائل الفلسطينية، تسليم السلاح، وتعتبر أنها غير معنية بالعملية التي تحصل اليوم، وذلك طالما أن الاحتلال الإسرائيلي مستمرّ للأراضي الفلسطينية، مؤكدة أن السلاح الذي بحوزتها لن يُستخدم إلا في إطار مواجهة العدو حتى يتحقق للشعب الفلسطيني حقه في العودة والحرية وإقامة دولته المستقلة على أرضه.