توصيف الواقع كما هو
كلما كتبتُ شيئًا عن ألمانيا أو عن الغرب، تنهال بعض التعليقات. فيُقال مثلًا: لماذا لا يعود البروفيسور إلى اليمن، أو يذهب إلى الخليج حيث المال، أو إلى أي دولة أخرى، ما دام يمتلك الإمكانيات والقدرة على ذلك؟
ومثل ذلك وتفهم المواضيع خارج الفكرة ونختزل الفكرة بالشخص الكاتب، لان انظارنا تنظر اليه وليس للفكرة.
وبصراحة، علينا أن نميّز بين أمرين: أولًا: توصيف الواقع كما هو. ثانيًا: أن هذا التوصيف يستند إلى التوزيع الاحتمالي الطبيعي، لا إلى الاستثناءات.
فإذا أراد الشخص أن يصف ألمانيا اعتمادًا على الحالات الاستثنائية او ما وصل إليه شخصيًّا، فهذا لا ينطبق على الغالبية، ولا يمكن اعتباره توصيفًا علميًّا. لذلك فإن الوصف
يجب أن يعبّر عن الصبغة الاحتمالية للتوزيع الطبيعي للواقع. على سبيل المثال: معظم الشقق في ألمانيا تتراوح مساحتها بين 42 و85 مترًا مربعًا، أي أن حوالي 95% من الشقق تقع ضمن هذا النطاق.
صحيح أنّ هناك شققًا تفوق 110 مترًا مربعًا، لكنها استثناء وهناك شقق تحت 40 متر لكن هذا وذاك يظل في نطاق 5 في المائة الباقي. وبالنسبة للمنازل، فالمساحة الطبيعية في الغالب لا تتجاوز 130 مترًا مربعًا.
أما البروفيسورات وكبار الاطباء ومن يمتلك المال، فهم لا يعيشون عادةً في شقق مساحتها 80 مترًا مربعًا ولا في منازل بمساحة 110 مترًا مربعًا؛ عالمهم مختلف من حيث الإمكانيات.
لكن ذلك لا يُتخذ معيارًا لقياس الواقع العام فهم الاستثناء وليس قاعدة الحكم او التعميم. لذا على الشخص أن يعرف ماذا يناقش وأين مركز النقاش والفكرة او التعقيب والاضافة.